عطرك―Dana Alh
- الرياض -
الأربعاء – 8 نوڤمبر 2017 – الساعة 11:57م.
على بعد مئات الكيلومترات، يتوسد جسدك تربة الكوت.
إلى أغلى من فقدت، أشتاقك جداً.
أما بعد، أريد أن أخبرك بأمر لم أطلع شخصاً عليه قط، إلا أني أظن أن من حولي يعلمون به؛ كيفية التعامل مع غيابك – روح أبكى الجدران رحيلها. في أول عامٍ بعد رحيلك يا جدي، اشتاقت حواسي كلها للشعور بك؛ سماع صوتك، رؤية ابتسامتك، تذوق قبلةٍ على جبينك و أخرى على يدك التي بدت آثار السنوات في تجاعيدها، و الضياع في حضنك. افتقدت حواسي وجود روحك يا جدي، و لم يبدو أنه بوسع أي شيء في الكون أن يعوضها أو يشبع شوقي، فالصور على سبيل المثال جامدة، و لا تكفي.
المهلبية -أمرُ مضحك- أنها ما قادتني إلى أقرب شيءٍ لك؛ ماء الورد. بنكهتها العطرة، استطاعت أن تحيي جزءاً من ذاكرتي كدت أن أنساه، و كأنها حلقة الوصل المفقودة بيني و بينك. رائحة الورد يا جدي، عطرٌ لا يليق إلا بك. حين أستنشق رائحتها، أتذكر تقبيل جبينك، فتزداد شدة الرائحة حين يقترب أنفي من غترتك البيضاء التي لطالما اعتمدت "دهن الورد الاسطنبولي" طيبها الوحيد، فأعلق على زكاء الرائحة و تكحل مبصري بابتسامتك الخجول – و أشعر بالأمان في قبضة يدك يا جدي.
دهن الورد الاسطنبولي، عطرٌ لا يعني لشخصٍ عابرٍ كما يعني لي، رائحةُ تحيي حواسي جميعها فور إدراكها حاسةً واحدة؛ هي شعورٌ بالقرب منك و الأمان، شعورٌ بروحٍ رحلت إلى الرحمن مقتطفةً معها قطعةً من قلبي – روحٌ احتفظت بحسّها في زجاجة؛ أتطيب بها في مناسبات هامة أفتقدك فيها لتشعرني بوجودك و في كل حين يشتد شوقي لك و يبكيني، أحذر من استخدامها بإفراط لتحافظ على قدسيتها لدي و ارتباطها بك يا جدي، بجدٍّ عظيم لن تنسنيه الأيام – عطرٌ لن يميزه من بدّ عطورٍ أخرى سواي؛ لارتباطه بوجودك بالقرب مني، عطرٌ رافقني في الخمسة أعوام التي تلت رحيلك، و سيرافقني بالأعوام التي تليها.
محبتك و مفتقدك/ حفيدتك.
سلامٌ عليك افتقدتك جداً، و عليّ السّلام في ما افتقد.
Comments
Post a Comment